
مطر سعيد راشد النعيمي
مدير عام مركز أبوظبي للصحة العامة
منذ خلق الله الإنسان، وهو يسعى جاهداً للمحافظة على نفسه من الأخطار والأمراض ، فغريزته البشرية والقدرات التي منحها له الخالق مكنته من التأقلم والتعايش والبقاء، ليس ذلك فحسب بل استطاع أيضاً بناء الحضارات، والتطور والازدهار في علوم الحياة. وعلى مدى العصور الماضية تطورت وتغيرت أيضا الأخطار والأمراض التي تصيب الإنسان والبيئة المحيطة به، ومع ذلك التطور أصبح لزاماً على شعوب العالم التعاون والتنسيق وتحقيق العمل المشترك لمواجهة تلك الأخطار والأمراض.
ومع مرور القرون والعقود الماضية أصبح المجتمع الدولي مدركاً أن التعاون والعمل المشترك هو السبيل الأمثل لتوفير الحماية والوقاية للإنسان والبيئة التي يعيش فيها ، وعليه فقد تأسست المنظمات الدولية للصحة العامة والصحة الوقائية لتعكس حاجة الإنسان والدول للتعاون في هذا المجال.في دولة الإمارات العربية المتحدة ، حيث قام المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيب الله ثراه –قبل قيام الاتحاد بالاهتمام بالصحة العامة وسعى بكل إخلاصٍ لتوفير الرعاية الطبية لكل إنسانٍ يعيش على أرض دولة الإمارات. ففي نوفمبر 1960م، كانت أول عيادةٍ طبيةٍ في منطقة العين مجهزةً في بيت الضيوف لمسكن المغفور له الشيخ زايد، وبنيت غرف المرضى من سعف النخيل في الفترة ما بين 1960 و1963م. ومن خلال عمل المستشفى، تم رصد كافة الجهود المبذولة في التعامل مع الأمراض وغيرها، وتداول العلاجات الطبية والأدوية، والتواصل مع سكان المنطقة بهدف تعزيز الصحة العامة لدى الجميع.
ومن هذه التجربة الفريدة وأثرها الإيجابي على صحة وسلامة السكان، استمر نهج قيادة دولة الإمارات الرشيدة في ضمان تعزيز الصحة العامة ووضعها في أعلى قائمة أولوياتها. وانطلاقاً من تعريف منظمة الصحة العالمية لـ الصحة العامة بأنه فن وعلم الوقاية من الأمراض، وإطالة الحياة، وتعزيز الصحة من خلال الجهود المجتمعية المنظَّمة، أدركت قيادة الدولة والحكومة المحلية في إمارة أبوظبي تحديداً أهمية إبراز دور الصحة العامة في دعم المكانة الاقتصادية للإمارة، وجذب مختلف الاستثمارات النوعية إليها، حيث تدعم الصحة العامة لأفراد المجتمع النمو والرخاء الاقتصادي. كما واكبت حكومة أبوظبي التطورات الوطنية والعالمية في مجالات الصحة العامة، وقد ظهر ذلك الاهتمام أيضاً في وجود مفاهيم الصحة العامة ضمن تشريعات الجهات الحكومية المختلفة لضمان توفير البنى التحتية اللازمة ، وقد حققت الحكومة الكثير من الإنجازات في توفير كافة متطلبات الصحة العامة لسكان الإمارة على مختلف الأصعدة، ومن خلال خدماتٍ عديدةٍ غطت المساحة الجغرافية الواسعة للإماراة إلتزاماً منها بتوفير العيش الكريم للجميع.
اليوم يتطلع أفراد المجتمع بشكلٍ متفائلٍ وإيجابيٍّ إلى مخرجات المبادرات والبرامج التي تضمنتها رؤية أبوظبي 2030م، والتي تهدف إلى توفير نظامٍ تعليميٍّ، ورعايةٍ صحيّةٍ، وبنيةٍ تحتيّةٍ على مستوًى عالٍ. وتماشياً مع هذا النهج، أصدر صاحب السموّ الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة “حفظه الله“،بصفته حاكماً لإمارة أبوظبي في عام 2019 قانوناً بإنشاء مركز أبوظبي للصحة العامة، ويأتي ذلك ترجمةً لالتزام الحكومة في الحفاظ على صحة سكان الإمارة، وضمان سلامة العاملين فيها، من خلال تعزيز مفاهيم الصحة العامة والصحة الوقائية.
يهدف مركز أبوظبي للصحة العامة إلى تحقيق رؤية المركز “نحو مجتمعٍ يتمتَّع بالصِّحة والسَّلامة” عن طريق إعداد وتنفيذ السياسات، وإدارة الاستراتيجيات والخطط، والمبادارات والبرامج الخاصة بالمركز ، وذلك بالتعاون مع كافة الشركاء للحفاظ على صحة الفرد والمجتمع، ومن خلال التركيز على تعزيز الصحة العامة والصحة الوقائية، وصياغة معايير الصحة العامة، والصحة الوقائية وفق أفضل الممارسات، وتطوير الشراكات الاستراتيجية الإقليمية والعالمية. بالإضافة إلى المساهمة بشكلٍ فعالٍ في عمليات الاستجابة للحالات الطارئة المتعلقة بالأوبئة، والأمراض المعدية، والكوارث والأزمات، وذلك بالتعاون مع الجميع والتحلي بقيمنا التي نعتز بها جميعاً.
نتطلع في مركز أبوظبي للصحة العامة إلى تعزيز ثقافة أسلوب الحياة الصِّحي لدى كلٍ فردٍ من أفراد المجتمع، للمساهمة في وقايتهم من الأمراض، وحتى يتمكنوا من العيش بسعادة، قادرين على العطاء والبذل لرفعة شأن وطنهم ، ولنشارك شعوب العالم في التطور والرخاء، لتوفير حياةٍ أفضل للأجيال القادمة.
نحن في مركز أبوظبي للصحة العامة، سنعمل سوياٍّ مع كل فردٍ من أفراد المجتمع ،لتحقيق رؤية وتطلعات قيادة دولة الإمارات، وحكومة أبوظبي، وشعبها الكريم، فيما يتعلق بالصحة العامة، وسنبقى ملتزمين ومدركين لأهمية صحة وسلامة مجتمعنا للأجيال الواعدة في المستقبل، ولكم مني ومن فريق العمل جزيل الشكر.